تترامى على مسامعنا قصص الأنبياء والرسل، سلاسل نورانية تضيء دروب الإنسانية وتصور لنا صراع الحق مع الباطل، كل نبي يحمل عبءا خاصا ومختلفا ورسالة تلائم قومه وزمانه.
ففي غياهب الصحراء العربية الجرداء، حيث تلفح الشمس الرمال وتزمجر العواصف، تروى قصة سيدنا صالح عليه السلام، نبي الإبل الذي خاض صراعا طويلا مع قوم ثمود المكذبين، وحاور الصخر بأمر الله ليظهر آيات قدرته وقوة إيمانه.
![]() |
قصة سيدنا صالح |
نبوة صالح - دعوة بين صخور ثمود
سيدنا صالح من أنبياء الله المرسلين إلى قوم مدين، وهم قوم عاشوا في منطقة تسمى "الحجر" في شمال غرب الجزيرة العربية، وكانوا قومًا أغنياء، ولكنهم كانوا أيضًا قومًا ظالمين، يعبدون الأصنام، ويأكلون الربا، وظلموا.
ولد صالح عليه السلام في قوم عرم من العرب هم "ثمود"، اشتهروا ببنيانهم الفاخر من الصخر المنحوت في الجبال. وكان صالح داعيتهم إلى عبادة الله وحده، وحذرهم من عبادة الأصنام والتمتع بالكفر والظلم. ومعه آيات واضحة كشمس الصحراء: ناقة عظيمة الحجم خلقت من صخرة جرداء، تروي ظمأ العباد وتوزع عليهم الرزق بإنصاف.
إهلاك ثمود - عقاب الكفر والكبر
لكنّ قوم ثمود، تمادى كبرياؤهم وتجبرهم، كذبوا نبيهم وسخروا من ناقته العجيبة. كبّر صالحٌ فيهم وعذرهم مرارا وتكرارا، لكنّ قلوبهم قست وعميت بصائرهم. فكانت العقوبة الإلهية: زلزال مهول هز الأرض قواصيها وأطبق عليهم البلاء، فأهلكهم عن آخرهم، مصداقا لقوله تعالى: "فأخذتهم صاعقة العذاب فما استطاعوا صباحا" (سورة الفجر، الآية 11).
ناقه صالح - معجزة بلاغية
لا يمكن فصل قصة صالح عن ناقته الكريمة، فقد كانت معجزة بلاغية تجسد معاني العطف والرزق والإحسان. وهي رمز لضرورة العدل في توزيع الموارد وعدم الإجحاف أو الاستهتار بحقوق الخلق.
مواصفات ناقة صالح - آية من آيات الله
وصف لنا القرآن الكريم ناقة صالح بأنها ناقة عظيمة: "وهي مسومة في الوبر" (سورة الشمس، الآية 7)، وفي ذلك إشارة إلى تميزها واختصاصها من بين الإبل. وكانت تسقي قوم ثمود يوما واحدا في الشهر بمعدل عادل بلا تفضيل أو تمييز.
حادثة العقر - امتحان الإيمان والفساد
تضمنت قصة الناقة امتحانا صعبا لإيمان قوم ثمود. فقد أمرهم صالح بحفظ يوم الناقة وتركها تسقي بسلام، لكنّ غريزة الشر والإثم ساقت تسعة نفر منهم لعقر الناقة بغيظة وحسد. فكانت تلك سوءتهم التي جرت عليهم الهلاك.
صخرة صالح - حوار الإيمان والصخر
يعتقد المسلمون أن هذه الصخرة هي المكان الذي خرجت منه ناقة سيدنا صالح عليه السلام، وهي واحدة من المعجزات التي أرسلها الله تعالى إلى قوم ثمود ليؤمنوا برسالته.
الصخرة عبارة عن كتلة صخرية كبيرة يبلغ ارتفاعها حوالي 20 مترًا وعرضها حوالي 10 أمتار. وهي مكونة من الحجر الرملي، وتتميز بشقوق عميقة على سطحها.
يوجد في وسط الصخرة فتحة دائرية، ويعتقد أن هذه الفتحة هي المكان الذي خرجت منه الناقةوتعتبر صخرة سيدنا صالح أحد أهم المعالم السياحية في مدائن صالح، وهي وجهة للعديد من الزوار من مختلف أنحاء العالم.
دروس مستفادة من قصة صالح - عبرة عبر الزمان
تحمل قصة سيدنا صالح دروسا مستفادة عظيمة عبر الزمان والمكان:
- عاقبة الكفر والتمادي: قصة ثمود تذكير بأن عاقبة الكفر والظلم وخيمة، وأنّ الله تعالى ناصر عباده المخلصين ومجازي الكافرين بأغلظ العذاب.
- طاعة الأنبياء - طريق النجاة: يعلمنا نبي الإبل أهمية طاعة الأنبياء والرسل والإصغاء لتعاليمهم، فهم هداة للبشرية وسفينة النجاة في تلاطم أمواج الحياة.
- الرضا بقضاء الله: يذكرنا صالح عليه السلام بحكمة الله وسعيّه في كونه، وأهمية تقبّل قضاء الله وقدره سواء سراء أو ضراء.
- عدم إنكار المنكر يعتبر قبولًا له أرسل الله تعالى سيدنا صالحا إلى قوم ثمود ليدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام. ولكن قومه كانوا قوما كافرين، ورفضوا دعوته، وسخروا منه، واتهموه بالكذب.
- الكثرة لا تدل على الحق دائمًا
- أهمية الثبات على المبدأ
- أهمية التوبة الصالحة
- قدرة الله تعالى على الانتقام من الظالمين
الأسئلة الشائعة
السؤال الأول: من هو سيدنا صالح؟
الجواب: سيدنا صالح هو أحد الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى إلى قوم ثمود، وهم قوم نشأوا في وادٍ بين جبلين في شمال الجزيرة العربية، وكانوا قومًا أغنياء وأصحاب نعم كثيرة، ولكنهم كانوا كافرين بالله تعالى، وعبدوا الأصنام من دونه.
- وجوب توحيد الله تعالى، وترك عبادة الأصنام
- وجوب الدعوة إلى الله تعالى، والصبر على الأذى من الكافرين.
- وجوب الابتعاد عن الشرك، والظلم، والفساد.
- وجوب طاعة الله تعالى، واتباع أوامره.